التقنيات الناشئة

يعتبر التحول الرقمي أحد أهم توجهات الرؤية الاقتصادية لمملكة البحرين 2030، وهي رؤية تنموية وطنية ذات توجهات مستقبلية ومبنية على ركائز رئيسية وهي الاستدامة والتنافسية والعدالة. كما تحرص استراتيجية الحكومة الرقمية 2022 على الاستفادة من التقنيات الناشئة لتطوير الخدمات الهامة بهدف تعزيز جودة حياة المواطنين والمقيمين.

أطلقت مملكة البحرين مجموعة من المبادرات التي تتبنى التقنيات الناشئة، مما جعلها في ريادة المنطقة في رحلة التحول الرقمي. من جانب آخر، تهتم حكومة مملكة البحرين بتقديم الدعم الاستراتيجي للشركات القائمة على تقنية المعلومات والاتصالات والتقنيات الناشئة، وتمكينهم ووضع الأطر التنظيمية للتقنيات الناشئة، مما ساهم بشكل كبير في النمو الاقتصادي وخلق فرص عمل للمواطنين وتعزيز جودة حياتهم من خلال التقنيات الناشئة.

التقنيات الناشئة في مملكة البحرين

خطت مملكة البحرين خطوات سباقة في تحرير قطاع الاتصالات، مما ساهم بشكل كبير في النمو الاقتصادي للمملكة. كما تمتاز البحرين اليوم ببنية تحتية تقنية راسخة تم الإشادة بها إقليمياً ودولياً. فقد احتلت مملكة البحرين مركز متقدم على مستوى الدول العربية في مؤشر تنمية تكنولوجيا المعلومات والاتصالات (IDI) لعام 2023، وفقا لتقرير الاتحاد الدولي للاتصالات (ITU). بالإضافة إلى ذلك، تحتل البحرين المرتبة 4 عالميا في مؤشر البنية التحتية للاتصالات (TII) وفقا لمؤشر الأمم المتحدة لتنمية الحكومة الإلكترونية.

كما تواصل البحرين مسيرتها نحو تبني التقنيات الحديثة والناشئة وتسخير قوة الذكاء الاصطناعي لتعزيز الخدمات الحكومية. وقد ساهمت هذه التطورات في التحول الرقمي للعديد من الخدمات الحكومية بما فيها الخدمات العدلية وخدمات المحاكم من خلال سهولة الإجراءات وتبسيط العمليات.

السحابة الوطنية

اتخذت مملكة البحرين خطوات رائدة في تبني الحوسبة السحابية في القطاع الحكومي، مما كان له الأثر الكبير في النمو الاقتصادي للمملكة وفقا لتقرير IDC لعام 2023. وتعتبر البحرين أول دولة في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا تتبنى سياسة السحابة أولاً على المستوى الوطني منذ عام 2017، حيث تلزم هذه السياسة باعتماد البيئة السحابية للخدمات والجهات الحكومية كخيار أول، مما أدى إلى زيادة معدل الخدمات السحابية المقدمة عبر مؤسسات القطاعين العام والخاص. كما تعتبر مملكة البحرين أول دولة في المنطقة لتنفيذ أنظمة السحابة المتعددة أو السحابة والهجينة في القطاع الحكومي.

خارطة طريق للابتكار

إن الابتكار والتقنيات الحديثة من أهم أولويات حكومة مملكة البحرين في العصر الحديث لرسم خارطة الطريق، وقد حرصت الحكومة على أن تبني الابتكار والتقنيات الحديثة ضمن العمل المؤسسي. لذلك، تم إنشاء إدارة مخصصة للابتكار والتقنيات المتطورة تابعة لهيئة المعلومات والحكومة الإلكترونية. وتشرف هذه الإدارة على اعداد استراتيجيات الابتكار ورسم خارطة الطريق لتنفيذ التقنيات الناشئة في القطاع الحكومي بهدف تقديم أفضل الخدمات للمواطنين والمقيمين.

مبادرات وقصص نجاح جديرة بالملاحظة

إن جهود مملكة البحرين بارزة في دعم التقنيات الناشئة مثل الذكاء الاصطناعي، وسلسلة الكتل، وإنترنت الأشياء، وتحليلات البيانات الضخمة، لا سيما أن عدد من هذه التقنيات تم تطبيقها في مختلف القطاعات في المملكة مثل خدمات المحاكم والقضايا.

كما أن خلال المراحل الأولى من جائحة كورونا كوفيد-19، انتقل قطاع التعليم في البحرين بسلاسة إلى التعلم عن بعد من خلال البوابة التعليمية القائمة على السحابة. إلى جانب ذلك، برز تطبيق "مجتمع واعي"، المقدم من هيئة المعلومات والحكومة الإلكترونية، كقصة نجاح وطنية. تم تبني تقنية الذكاء الاصطناعي وتحليلات البيانات الضخمة في التطبيق لرصد ومتابعة الحالات المشتبه بإصابتها والسيطرة المبكرة على انتشار الفيروس، مما ساهم بشكل كبير دعم الجهود الوطنية للتعامل والحد من انتشار المرض.

وقد اتخذت مملكة البحرين خطوات رائدة في مجال علم الوراثة وذلك من خلال إطلاق المركز الوطني للجينوم وبرنامج الجينوم في عام 2019. وتهدف هذه المبادرة إلى جمع 50 ألف عينة من المواطنين لرسم الخارطة الجينية للمملكة من خلال إنشاء قاعدة بيانات شاملة تساهم في رصد الأمراض الوراثية والوقاية منها.

كما تم توظيف التقنيات الحديثة في مجالات أخرى مثل الرعاية الصحية، والتعليم، والاستدامة البيئية والتنمية الزراعية. هذا بالإضافة إلى مبادرات استخدام تقنية البيانات الضخمة على بوابة البحرين للبيانات المفتوحة لاستخراج المعلومات، وتسهيل عمليات صنع القرار القائمة على البيانات في مختلف القطاعات. كما تم توظيف تقنية الذكاء الاصطناعي في مراقبة أشجار النخيل، مما مكن الباحثين والمستثمرين في المملكة من وضع خطط في مجال الأمن الغذائي.

وتعكس هذه الإنجازات التزام مملكة البحرين بتسخير التكنولوجيا من أجل تحسين جودة حياة مواطنيها والنمو المستمر لمجتمعاتها، مما يجسد مكانتها كدولة ذات تفكير مستقبلي وداعمة للابتكار والتقدم.